meta charset='utf-8'/>

عقدة الشكل بقلم الكاتبة المبدعة دعاء فاضل

عقدة الشكل مِن العُقد المُنتشرة في الوقت الحالي حيث أصبح تقييم الناس ليس على سلوكيات ولا على الأخلاق ولا على حُسن التعامل أصبح تقييم الأشخاص على مظهرهم الخارجي، نعيش الآن في مجتمعات تُقدس المظاهر والمثالية جَعلت من الناس مهووسون بالمظاهر وهوّس تغيير الشكل في سبيل إرضاء الآخرين ، يعيش الناس عموماً في مجتمع يهتم بالمظاهر، بحيث يشعرون بأنّ عليهم الظهور بأبهى حُله في جميع الظروف، لكن هذا الضغط يؤثر في نفسية البعض، بحيث يشعرون بأنّهم أقل من الآخرين. فكيف يمكن التغلب على هذه العقدة؟ غالباً ما يميل الآخرون إلى تصنيفنا حسب مظاهرنا وليس حسب أعمالنا، فليس لدى أحد الوقت لكي يهدره في محاولة التعرّف إلى الآخر ودراسة تصرفاته وتاريخه ليعرف قيمته لهذا، غالباً ما يميل الناس إلى الحكم على الآخرين من خلال أسهل الطرق وهي المظهر. سيادة المظاهر في المجتمع تدفع البعض منا إلى الإصابة بعقدة نفسية تجاه مظهره الشخصي، بحيث يركّز المرء انتباهه واهتمامه على أنفه الكبير، أو على عينيه الضيقتين أو على أذنيه الكبيرتين، لدرجة أنّه يصبح مقتنعاً بأنّ الآخرين لا ينظرون إلّا إلى ما يعتبره عيباً في شكله ، تؤدي عقدة الشكل إلى إلتجاء البعض إلى هوس التجميل لإرضاء الآخرين عنهم بتغيير شكلهم أو حتى أجسامهم غايتهم هنا ليست أنفسهم لكن غايتهم الناس الذين حولهم وكيف يمكن أنّ أجعل مِن نفسي دُمية تعجبهم فمن أين تأتي هذه الصورة المشوهة التي يحملها البعض منا عن مظهره؟


    


١.معاناة نفسية:


معاناة الفرد عقدة نقص تجاه عيب ما في شكله، ما هي في الحقيقة إلّا تبلور لمعاناة نفسية دفينة داخله. والشخص المصاب بعقدة تجاه شكله، عندما ينظر إلى المرآة، لا ينظر إلى نفسه في مجملها بشكل عام، بل يصوّب نظرة كلّه على التفصيل الصغير الذي لا يعجبه في شكله. مثلاً، المرأة ذات الأنف الكبير قد لا ترى في المرآة إلّا هذا الأنف. فهي لا ترى عينيها الجميلتين أو شعرها الطويل الناعم أو بشرتها الصافية أو شفتيها الورديتين، هي لا ترى سوى ما يزعجها وهو أنفها، ولو نظرت إلى وجهها في مجمله، لوجدت أنّه جميل حتى مع الأنف الذي لا يعجبها. هذا النوع من الناس، يعتقد أنّه من دون هذا العيب، لكانت حياته ستكون مختلفة تماماً. وناجحة تماماً، وستكون لديه علاقات أفضل مع الناس وسيكون محبوباً أكثر.


      


٢.من عقدة إلى مرض:


إذا كان هذا العيب في الشكل الخارجي للفرد يزعجه ويشغل باله كثيراً لدرجة أنّه لا يبارح تفكيره، فإنّ ذلك قد يكون مرضاً نفسياً يسمى "رُهاب التشوّه". هذا المرض هو حالة مرتبطة بشكل مباشر بالصورة التي يحملها الشخص عن جسمه أو شكله الخارجي. والشخص الذي يعاني هذا المرض النفسي، يكون مقتنعاً بأنّه بشع المنظر أو أنّه يعاني تشوهاً في جسمه. وفي الغالب العام ، يكون تركيزه منصباً على منطقة معينة من جسمه، مثل (الأنف، الردفين، الثديين ...الخ) في قاعات الانتظار الخاصّة بالمصّحات، المتخصصة في الجراحات التجميلية، سنجد الكثير من هؤلاء المرضى. وحتى بعد إجراء العملية التجميلية لهم، فإنّهم، وبشكل عام، لا يرضون عن شكلهم الجديد وعن نتيجة العملية، فلا يترددون في تكرار الجراحة بعد الأخرى، بحثاً عن نتيجة لا توجد إلّا في خيالهم، أو أنّهم يتهمون الجراح بأنّه هو الملوم على عدم حصولهم على النتيجة التي حلموا بها.



   ٣.فقدان الثقة:


علينا أن ندرك أنّ هذا الاضطراب النفسي، يمكن أن يكون مجرد مرحلة انتقالية لدى المراهق أو المراهقة، حين يكون المراهق غير قادر على تقبل التغيرات الفيزيولوجية التي تطرأ على جسمه وشكله. وهنا، لا يوجد في الأمر ما يدعوا إلى القلق، مادامت الأزمة محدودة في فترة المراهقة العابرة. أما إذا بقيت هذه الفكرة مسيطرة على تفكير الشخص حتى بعد دخوله مرحلة الشباب والنضج، فتكون هناك احتمالات كبيرة لأن يفقد الفرد الثقة بنفسه، وقدرته على إثارة إعجاب الآخرين، وخاصّة من الجنس الآخر، وقد يصل به الأمر إلى قطع العلاقات مع محيطه من الناس، ويتجه إلى الانكماش والانطواء على نفسه، وهذا ليس أمراً طيباً. فالانطواء غالباً ما يقود إلى الاكتئاب. 



كيف نعالج عقدة الشكل ؟



 غيِّر من طريقة تفكيرك:


في حال كان سبب هذه العقدة النفسية أمراً لا يمكن التخلُّص منه، فإنَّ الحل الأفضل هو تقبُّلها وتقبُّل ذاتك بكل ما تحتويه من عيوب، وتذكَّر دائماً أنَّ الإنسان الكامل الخالي من أي عيب هو بكل سهولة إنسان غير موجود.


لا تهتم كثيراً بآراء الآخرين:


يجب على الإنسان أن يسيطر على مشاعر الغضب أو القلق أو الشعور بالدونية في حال وجَّه الآخرون النقد أو الرأي السلبي حيال عمله أو شكله أو أفكاره وما إلى ذلك من أشياء تخصه ولا تخص أحداً سواه؛ إذ إنَّ العقد النفسية أو عقدة النقص تميل إلى الظهور عندما تعير اهتماماً أكثر من اللازم. وفِي الختام أنّ الله سُبحانه وتعالى لم يُخلق إنسان بشع ولا قبيح لكُل منا جماله الخاص يميزه عن الآخر فبعض يمتاز بالبشرة السمراء والآخر يمتاز بالبشرة البيضاء لكُل منا صفات يمتاز بها عن الآخرين تزيد مِن جماله سواء بالأنف الكبير أو الأنف الصغير لا تجعلوا أنفسكم نسخًا مُكررة مِن الآخرين اتفرد بصفاتي بزمن أصبح فيه الكل يتشابهون (بالعامية نسخ لصق بالاشكال والالوان )أتقبل شكلي كما هو دون تقليل مِن نفسي وكما قال سُبحانه وتعالى ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ). [التين:4]


وايضًا قال (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). [غافر:64

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق