القهوة والحياة بقلم الكاتبة المبدعة كوثر الحسني
من إحدى أجمل العادات التي أكسبني إياه حبي للقهوة، هو استنشاقها قبل البدء بأول رشفة .
قد يبدو هذا بديهياً لمحبي القهوة، فالبنسبة لهم أن رائحتها التي تملأ أرجاء المكان هي نصف المذاق . إلا أن الأمر مختلف عندي فعادتي هذه هي نتاج ضعف حاسة الشم لدي إثر الحساسية المزمنة التي أعانيها منذ سنوات، و التي حرمتني متعتي في استنشاق رائحة البن المحمص، تلك الرائحة المميزة التي ارتبطت بذاكرتي منذ الطفولة حيث كنت أتباطأ بمشيتي وأترنح وأنا منتشيةً بعبق القهوة المنتشر في الممر الفاصل بين الصفوف الدراسية . حينها كنت طفلة لا حيلة لديها لتذوق تلك المادة البنية اللون التي تعشقها فلا تملك سوى الاستمتاع بالرائحة، لا شيء سوى الرائحة .
اليوم وبعد أن بلغت السابعة والعشرين من عمري، وبعد أن صار ارتشاف القهوة من المباحات بعد أن كان من المحظورات على مدى أعوام .. فقدت حاسة الشم جزئياً، ترى ما كان يمكن أن يجتمع الاثنان معاً ؟ أية سعادة كانت ستتملكني حين أشم العطر قبل التذوق ؟ أهما متضادان فعلاً أم أن الأمر برمته يعود لمصادفة القدر ؟
سأترك الكلام عن القهوة فهو ليس بالموضوع الجوهري، حديثي كله يدور حول فكرة أن الحياة لا تعطينا كل ما نريد وقتما نريد .
وقد يعيش الواحد منا في تعاسة أبدية فقط لأنه لم يحصل على مبتغاه علماً أن سر السعادة أحياناً يكمن في عدم اكتمال الصورة بل بتفردها .
عندما نبلغ هذا المستوى من الرضا نكون قد بلغنا أعلى مستويات السعادة والراحة والتحرر من كل مقيدات الاستمتاع برحلتنا في الحياة .
كوثر الحسني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق