مقالة عن زواج القاصرات بقلم الكاتبة زهراء الفتلاوي
يعلم الجميع جيدًا أن هذا الموضوع الشيِّق لا مجال للتوقف عن التحدث حوله، حيث يعتبر من أكبر المشاكل التي نواجهها في المجتمع، وهو زواج القاصرات.
لقد كانتْ الكثير من البلدان تزوِّج الفتيات اللواتي يقلُّ أعمارهنَّ عن الثامنة عشر فتُسلب أحلامهنَّ الورديّة وتتحوَّل حياتهنَّ إلى كابوس؛ لأنهنَّ ما زلن عديمات القدرة على تحمُّل المسؤوليّة وأعباء الحياة الزوجية التي تحتاج إلى كثيرٍ من النضوج الفسيولوجي ومعرفة هذه العلاقة بشكلٍ واضح وعلى الرغم من التطوِّر في الوقت الحالي إلا أنَّه ما زالتْ هناك فئةٌ تواظب على هذا الشيء تحت مسمى الأسباب كالعادات والتقاليد، فهناك الكثير من البلدان يدرج في تقاليدها تزويج القاصرات كالمجتمع الهندي، حيث أن من أبرز عاداته تزويج من هم في سنٍّ صغير، وبالرغم من العيوب التي ترتبت على هذا الزواج إلا أن هذه الممارسة لا تزال مستمرةً في ذلك المجتمع، وكذلك يُعدُّ الفقر من الأسباب المؤدية إلى زواج القاصرات ففي الكثير من البلدان يلجأ الآباء إلى تزويج بناتهنّ؛ وذلك لعدم القدرة على الإنفاق عليهنّ، أو من أجل سدّ دَيْن والهروب من دائرة نفقة العائلة، كما في إثيوبيا حيث أن عذريّة الفتاة قد تؤمِّن للعائلة مهرًا إضافةً إلى تطوير التحالف بين الأُسرتين، فهناك الكثير من الأُسر التي تلجأ إلى تزويج ابنتهم الصغيرة من ابن عائلةٍ أخرى؛ وذلك لأسباب اقتصاديّةٍ أو اجتماعيّة وخير مثالٍ على ذلك الدول الأفريقيّة، غير آبهين بمدى ملائمة كِلا الشريكين لبعضهم البعض لكن لنعلم أنه مهما زادت الأسباب والظروف فلا يجوز عمل جريمةٍ كهذهِ بحق أي فتاة، نعم، إنها جريمةٌ تُخلِّف الكثير من الضحيات اللواتي يخسرن حياتهن بسبب أضرارٍ نفسيةٍ كالوسواس القهري لتركهنَّ المدرسة، وخسارتهنَّ فرصة اكتساب المعرفة والمهارات، وابتعادهنَّ عن الأصدقاء والشبكات وأنظمة الدعم، وفقدانهنَّ مراحل الطفولة والمراهقة بسبب انشغالهنَّ بمسؤوليات البالغين مما يُسبِّب لهنَّ التوتر والضغط، إضافةً إلى أن الفتيات اللواتي يتزوجن مبكرًا لا يشعرن بالحياة الزوجيّة المستقرة ويكثر الشعور بالتوتر والقلق بينهنَّ وبين الأزواج مما يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث فصامٍ في الشخصية، إضافةً إلى الأضرار الطبيّة كونهنَّ غير مؤهلاتٍ لتقبُّل علاقة الزواج نفسيًا، أو عقليًا، أو جسديًا، ويُعرضهنَّ لإعاقةٍ عضويّة ونفسيّة وان اهم و اول واكبر الاضرار التي تعانيها ضحايا زواج القاصرات هي اضرار العلاقة الجنسية مع الزوج ف بصورة عامة وحسب الاثباتات الطبية تكون العلاقة الجنسية مؤذية للزوجة اكثر من الزوج فأما اذا كانت هذه الزوجة طفلة في عمرها القاصر وقتها سيكون الشيء لها اشبه بلعذاب ، اضافتا الى ان في المملكة المُتحدة يزيد الزواج المبكِّر خطر الإصابة بأمراضٍ كالسرطان، وأمراض القلب، والسكري، والسكتة الدماغية بنسبة 23% وفي أجزاءٍ من البلاد الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، يرتبط الزواج المبكِّر بارتفاع معدل الإصابات بفيروس نقص المناعة HIV، وفي كينيا وزامبيا تُعدُّ الفتيات المتزوجات أكثر عرضةً للإصابة بفيروس نقص المناعة بنسبة 75% مقارنةً بغير المتزوجات إضافةً إلى الحمل والولادة التي من الممكن أن تكون السبب الرئيسي في وفاة الفتاة؛ وذلك لكون الوضع التشريحي وعظام الحوض ما يزال غير مكتملٍ لديها بالشكل المناسب الذي يسمح له بتحمل عملية الحمل والولادة الطبيعية للفتيات تحت سن الـثامنة عشر، وأيضًا الحمل المبكّر ينتج عنه إجهاضٌ في كثيرٍ من الحالات، ونزيفٌ يهدد حياة الأم الصغيرة، ففي اليمن توفت الطفلة مرام عبده مهدي البالغة الثالثة عشر من عمرها بعد عامٍ ونصف على زواجها بسبب تعسّر الولادة وعجز عائلتها عن نقلها إلى المستوصف في مديرية بمحافظة ريمة التي تبعد 200 كم غرب العاصمة صنعاء ولا ننسى قصة الزوجة بنين التي تزوجت وهي تبلغ من العمر أربعة عشر عاماً مما أدى إلى حدوث أضرار جداً أثناء الولادة حيث اغمى عليها لمدة ثلاثة أيام حتى فُقد الامل في معالجتها وبعد محاولات كثيرة استطاع طاقم طبي من السيطرة على وضعها الصحي وهذهِ القصص جزء بسيط من قصص الكثير من ضحايا زواج القاصرات وقد تكون هناك العديد من البلاد التي حدّدتْ سنّ الزواج عند الثامنة عشر عامًا، مثل الأردن، مصر، والمغرب، لكن للأسف القوانين ليستْ قويّةً كما يجب، حيث تستغل بعض العائلات ثغرات قائمة في القوانين لتنفيذ زواج فتياتها دون سنّ الزواج المفروض وعلى الرغم من هذا هناك قصصٌ أيضًا لفتيات تم تزويجهنَّ مبكرًا وقسرًا، عرفن كيف يستعدن حريتهنَّ لوحدهنّ، مثل نجود علي، الطفلة اليمنيّة التي دخلتْ بمفردها في عام 2008 إلى قاعة المحكمة وهي في العاشرة من عمرها للحصول على الطلاق من رجلٍ يبلغ من العمر ثلاثين عامًا، فالفتاة لا تحتاج إلى رجلٍ كبير يُهينها ويذلُّها بل تحتاج إلى الاهتمام والنظر إلى حقوقها وواجباتها، وكما قال النبي محمد "رفقًا بالقوارير".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق