meta charset='utf-8'/>

زحمة أفكار بققلم الكاتبة المبدعة كوثر الحسني

 

تتزاحم الأفكار في رأسي ، فهناك العديد من الحكايا التي أنوي أن أعيد صياغتها بقلمي، أود أن أسمي بعض الأشياء بمسميات مغايرة لما اعتاد عليه الناس منذ الأزل ، و أن أنفض الغبار عن عادات بالية اهترأت بفعل توالي الأيام والسنين.. 

كالكتابة مثلاً عن الإنسان الفولاذي، الجانب السلبي للقوة، عبثية القدر، مفهوم الحب الأبيض..يعجبني أن أكتب أيضاً تعريفاً يمثل رأيي الخاص عن فكرة المرأة الجوفاء، الفصول التي تمر بها الأنثى، النظرات المفعمة بالعاطفة.. أحب أن أصف الله وفضائله، المباهج المختبئة خلف أبواب المصائب، رائحة الصباح وأصواته.. أود أن أنقل بقلمي قصص وجوه الغرباء، بكاءهم الصامت، مسراتهم المستترة، مغامراتهم السرية، فجور بعضهم وعفّة البعض الآخر.. أريد أن أجد أوجه التشابه بين المتناقضات كالصخب والهدوء، الحياء والجرأة، الجنون والمنطق .. كما أريد أن أستأصل أفكاراً سامة، كالخوف من كلام الناس، كالبؤس القابع في صدورنا إثر تفشي العيب أكثر من الحرام، كالتردد ورجفة الأصابع والقدمين عند الدفاع عن أنفسنا..آمل أن أسترد بعض حقوقنا المغتصبة كحق الانهيار و البكاء ، حق الانزلاق من الحياة إلى عالم الخيال الرحب، حق التحليق بعيداً في الأفق، خلف الجبال، فوق الغيوم، هناك حيث لا يوجد شيء سوى مانرسمه نحن بمخيلتنا.. كل ذلك وأكثر يتشابك في رأسي، وككرةٍ من الثلج يزداد حجمها كلما تدحرجت أكثر، تتعقد المسائل عندي إذا لم أكتبها بأسرع وقت ممكن ..

لكنني كلما هممتُ بتدوين أياً منها أرى أن الكلمات بدأت تذوب في جوفي ، أشعر أن قلمي بات حساماً حاداً يقضي على كل حرف يطل برأسه على الورق ..

ترى هل زمان الكتابة ولّى إلى غير رجعة ؟ هل فقدتُ قدرتي على الإبداع ؟ أتساءل حقاً من لي سوى القلم ؟ لمن سأبوح ومن سيسمعني دون أن تصيبه لعنة الضجر -تلك التي باتت الغالبية العظمى من الناس تعاني منها كنتيجة طبيعية لحياة السرعة التي نعيشها هذه الأيام-

أنا التي تكاد حياتي الاجتماعية تنعدم يوماً بعد يوم .. من سينقذني من رتابة الأيام وصعوبة الحياة إن لم يكن قلمي ؟ 

أدعو الله ألا يفقدني تلك الهبة التي منّ عليّ بها طيلة ما مضى من حياتي لأنها لطالما كانت ملجأً ألوذ إليه كلما تلبّسني الحزن .

فبعد كل مَن فارقت و ودّعت منذ اليوم الأول الذي غادرت فيه وطني سوريا لليوم ، خلال هذه الرحلة المُضنية من مكانٍ لآخر لا أريد للقلم أن يكون ضمن قافلة الراحلين أيضاً، فلا مزيد من الوداع بعد اليوم.. لا مزيد من الأشواق . 


كوثر الحسني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق