قصة روح شهيد بقلم الكاتبة المبدعة غدير وليد
الثالث عشر من حزيران من عام 2014
يوماً خُلدَ في ذاكرة التاريخ العراقي
عندما امتدت جذور الخطر حاصدة لأرواح الأبرياء
كان لابد من اعلان الجهاد متضمناً الآتي: على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح التطوع دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقداستهم .
امتثالاً للأوامر وللدفاع عن ارضهم ودعَوا بيوتهم للجهاد،
وبعد ثلاثة أشهر من اعلان البيان:
بيتاً من الالاف البيوت التي غادرها من هم بأعمار زهور الياسمين لأرض الحرب:
رن هاتفها:
فأجابت بلهفة:
-ولدي كيف حالك يا وحيدي يا فلذة كبدي أشتقتُ لك متى تأتي..
-أماه..أدعي لنا فالخطر حاوطنا ولا أمل للنجاة الا بمعجزة
وبدعائكِ
-بُني ..كل قلبي ودعائي برفقتك منذ أن خطت قدماك عتبتُ بابَ بَيتك..لكن هدأ من خوفي وقلقي وقل أنك عائداً لأحضان والدتكَ
-لا تقلقلي ف الذي جعلني اخطوا خارج بيتي لأصل الى هنا مدافعاً عن أرضي هو من يتكفل بحمايتي ويرجعني لكِ سالماً يا أماه لا تخافي مادام الربُ معي
*أنقطع الأتصال *
-أين ذهبت ..أجب ..بُني مابكَ لماذا لا تكلمني أجبني يا قطعة روحي ..
-أغلقت الهاتف ومع اغلاقه لم يهدأ بالها ولم يركدُ قلبها
ولطرد تلك الافكار والوهواس بسبب اغلاق تلك الآلة اللعينة ...لجأت للنوم علها تهدأ وتأمل عودة اتصال ولدها..
وفي تلك الليلة من الليالي الباردة ....
حيثُ تجمعت غيمة سوداء فوق بيتها غير التي كانت تحت عيونها لشدة حزنها وافتقاد صوت ولدها ...
جائها طيفهُ متسللاً لمنامها ..
- اماه أشتقتُ لكِ خُذيني الى أحضانكِ ضُميني من هول الدنيا من الوحوش على الساتر،
أماه رأيتُ العجب يا أماه -ماذا رأيت يا قطعة روحي؟؟؟
-اماه رأيتُ اطفالاً يُقتلون ونساءً تُسبى ورضيعاً يبكي لفقد حليب امهُ رأيت شباناً تُقطع أعناقهم ضلماً فقط لانهم فضلوا احتضان أرض وطنهم ،أماه رأيتُ الوحوش على الساتر مبتسمة وهي تحصد ارواحنا ،لكن نحنُ ابطال لم نحني رؤوسنا لهم ابداً ولم تدم عليهم تلك الابتسامة فلقد شاهدوا في كل بطلاً منا أسداً يزئرُ خافو أن يقربوه كل واحداً منا كان بألف رجل
لكنهم غدروا بنا يا أمي غدروا بنا ...
حاوطونا من كل الجهات وهنا عرف كل واحدا منا حان وقت الشهادة والحاق بسيد الشهداء كان شرفاً لنا أن نموت دفاعاً عن أرضنا قاومنا لآخر انفاسنا
*أشهد أن لا اله الأ الله وأشهد أن محمداً رسول الله وأشهد أن علياً ولي الله *
نحروا أعناقنا دون رحمة لكن رؤوسنا ضلت تنضر للأعلى تنضر الى الجنة والى من ينتضرنا هناك ليسقينا من ماء زمزم ويروي ارواحنا العطشة ...
أماه ابتسمي وارفعي رأسكِ عالياً ولدكِ بجوار الرحمن الرحيم الذي قال (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) ولدكِ شهيداً يا اماه بحضرة سيد الشهداء. احضنيني دعيني اشبع من عطر ثيابكِ أشتقتُ لكِ.
-لم تتجاوز الثوان وقد هرعت من تلك الغفوة وروحها تتلهف لمن يقرعُ الباب
-انه ولدي جاء ليشم عطر ثياب أمهُ
-أين هوة؟ سيأتي خلفكَ صحيح؟
- أوصاني أن آتي بهِ ليشم عطركِ
جاء معي ولكن جاء ملفوفاً بوطنهِ. ابنكِ شهيداً يا عمتي ياليت أمي بمكانكِ
-جائها يرقدُ بتابوت الشهادة...
ياقطعه روحي يا وحيدي وصغيري تعال لأحضاني الم تكن تريد ان تشمَ عطر ثيابي ..دعني أنا ايضاً اشمُ عطر الياسمين الذي يفوح من خصلات شعركَ
بني يا وحيدي ..داري تفتقدكَ ،روحي جزعت فراقكَ، قلبي يتوق رؤياكَ، كبرت يا ولدي واصبحت شهيداً لكنك لا زلت رضيعي الصغير الذي لم اشبع من أحضانه
قلبي وطنكَ الذي يتسع لك خالي من الوحوش
-أنهارت خلف رضيعها الصغير وقطعة روحها لم تحمل فراقهُ الى أن احتضنت صورتهُ بعد موتهُ بثلاثةَ أيام
قالت: داري وقلبي يفتقدانك
أفتح لي حضنكَ ياقطعه روحي أنا آتية لأشم رائحة الياسمين ..
اغمضت عيناها وكانت كسيرة الفؤاد ،نامت ولمعت عينها بدمعة سقطت على صورة الشهيد ...ذهبت لأحتظان قطعتها ....
واحدة من الالاف القصص الموجعة والتي باقي أثرها داخل كل بيت عراقي وأم عراقيه الى الآن يشهدها التاريخ
-الى كل ارواح الشهداء الى كل من احتضنت ارواحهم تراب اوطانهم الى كل من جاء طيفهُ كطيراً يزور جدران ديارهُ ..الى من ارواحهم تحلق بجانب الرحمن الرحيم
ولا زالت قلوبهم مرتبطة بأرضهم ...
لم ننساهم يوماً ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق